بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
مواضيع مماثلة
أسباب التضخم
المكتبة الالكترونية السودانية - sudan :: المكتبة الالكترونيه - بحوث متنوعه - اقتصاد - ادارة - طب - هندسه - ومذيد :: المكتبة الالكترونيه السودانيه :: المكتبة الالكترونيه - بحوث متنوعة - وتعريفات في لاقتصاد والمحاسبة والادارة والاحصاء
صفحة 1 من اصل 1
أسباب التضخم
أسباب التضخم
هناك تباين عميق في تحديد الأسباب التي تحكم هذه الظاهرة، أو العوامل المؤدية لها. ويمكن اعتبار النظرية الكمية في النقود أولى النظريات التي حاولت معرفة أسباب التضخم والآلية التي تحدد المستوى العام للأسعار والتقلبات التي تحدث على هذا المستوى.
مقابل ذلك هناك صورة أخرى لتفسير ظاهرة التضخم وتحديد أسبابها نجدها في «معادلة كامبردج» وفي إطار نظرية كمية النقود. اعتمد أصحاب هذه المعادلة في هذا التفسير على فكرة الطلب على النقود المتمثل بحجم الأرصدة النقدية التي يرغب الأفراد بالاحتفاظ بها لأغراض المبادلات. بمعنى آخر حجم النقود التي يحتفظ بها الأفراد في المدة بين حصولهم على النقود وبين تاريخ إنفاقها، ويتحقق التوازن النقدي حين تكون الكمية المطلوبة من النقود مساوية لكمية المعروض منها. بحيث يصير المستوى العام للأسعار في هذه الحالة مستقراً لا وجود فيها للتضخم.
في بداية نشاطه الفكري كان كينز يعد من أنصار المدرسة الكلاسيكية الحديثة. وكان متأثراً على وجه الخصوص بأفكار (فيكس وهايك وغيرهما)م من يرون في النقد وسيلة للتداول. من ثمّ فإن أسباب التضخم تعود بالدرجة الأولى إلى كمية النقود المعروضة لتحقيق المبادلات السلعية. وعلى أن كينز كان يرى في النقد مخزناً للقيمة بالإضافة إلى وظيفته كوسيلة للتبادل، بقي تحليله كتطورات محدودة للدلالة على المفهومات الخاصة بمعادلة كامبردج.أي معادلة الأرصدة النقدية التي رغب الأفراد الاحتفاظ بها للمبادلات بالإضافة إلى مفهوم سرعة دوران النقد.
في إطار هذه التطويرات تظهر البدايات الأولى لتحليل كينز عن دور الدخل والإنفاق في ضوء العلاقة بين النقود وسعر الفائدة والاستثمار والادخار والمستوى العام للأسعار. وبذلك خرج كينز في تحليله عن إطار النظرية الكمية للنقود ولم يعد يبحث عن تأثير النقود على الأسعار في إطار كمي كما ذهبت إلى ذلك النظرية الكمية للنقود. وإنما من خلال معرفة تأثير التغير في كمية النقود على سعر الفائدة وتأثير هذا السعر على الاستثمار. أو بمعنى آخر فقد استخدم كينز مجموعة من المعادلات التي تنحصر غايتها ودلالتها في تصوير العلاقة بين الدخل القومي والاستهلاك والاستثمار والأسعار والتكاليف والإنتاجية. ولتفسير ذلك فإن التوسع في كمية النقود يؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة وهذا يؤدي إلى اختلال بين الاستثمار والادخار إذ حجم الاستثمار أكبر من حجم الادخار. والنتيجة الطبيعية لذلك تحقيق المستثمرين أرباحاً غير عادية تدفع المستثمرين إلى المزيد من الاستثمار الذي يموَّل عن طريق الائتمان المصرفي. وفي حالة افتراض التشغيل الكامل فإن زيادة الطلب على عوامل الإنتاج لابد أن تؤدي إلى زيادة تكلفة الوحدة المنتجة وارتفاع سعرها. أو بمعنى آخر ارتفاع المستوى العام للأسعار. وفي الحقيقة فإن ما توصل إليه كينز في بداياته لم يكن سوى ترديدٍ لأفكار فيكسل الذي كان له فضل السبق في دراسة أثر الفائدة على العلاقة بين الاستثمار والادخار والمستوى العام للأسعار.
إلا أن كتاب كينز في التشغيل والفائدة والنقود لعام 1936 شكل ثورة ضد الفكر الكلاسيكي. وفيما يتعلق بالتضخم يستند تحليل كينز على التقلبات في الإنفاق القومي (المكوّن من الاستهلاك والاستثمار والإنفاق الحكومي) باعتباره المحدد الرئيس لمستوى الأسعار والتشغيل مستعيناً في ذلك بأدوات تحليلية جديدة كالمضاعف multipleir، والمعجل accelerator، وذلك بدلاً من التقلبات التي تحدث في كمية النقود. والأدوات التي استخدمها كينز تتبلور في النهاية في التفاعل بين قوى الطلب الكلي وحالة ما بعد الوصول إلى مستوى التشغيل الكامل.
في الحالة الأولى قبل الوصول إلى حالة التشغيل الكامل أو الاستغلال الكامل للطاقات الإنتاجية فإن زيادة الطلب الكلي وخاصة الطلب على عوامل الإنتاج، تؤدي عادة إلى زيادة عرض السلع والخدمات وزيادة حركة المبيعات وتحقيق أرباح غير عادية. الأمر الذي يدفع بالمستثمرين إلى زيادة تشغيل الطاقات الإنتاجية والأيدي العاملة مما يؤدي إلى ظهور بداية الاتجاهات التضخمية قبل الوصول إلى حالة التشغيل الكامل. ويطلق على هذه الاتجاهات التضخم الجزئي partiel نتيجة نقص بعض عوامل الإنتاج يترافق مع زيادة الطلب عليها أو بسبب الضغط النقابي لرفع الأجور بمعدلات لا تتناسب مع معدل زيادة الإنتاجية أو نتيجة للميول الاحتكارية لتحقيق أرباح غير عادية.
في الحالة الثانية أي حالة التشغيل الكامل فإن زيادة الطلب الفعّال لا تقابلها زيادة في العرض (مرونة العرض صفر). ويأتي التضخم في هذه الحالة نتيجة زيادة حجم الطلب الكلي عن حجم العرض الكلي زيادة محسوسة ومن ثمّ ظهور ارتفاعات مفاجئة في الأسعار. أي إن التضخم يظهر نتيجة وجود فائض في الطلب excess demand يفوق الطاقات الإنتاجية. أو بكلمة أخرى فإن التضخم يظهر نتيجة زيادة في الطلب على السلع الاستهلاكية وعوامل الإنتاج عن المعروض منها بحيث تتشكل الفجوة التضخمية inflation gap.
والواقع أنّ الطريقة الكينزية في تحليل أسباب التضخم ترجع إلى الاقتصادي فيكسل Wicksell الذي كان أول من نقد المفهوم الكلاسيكي للتضخم، الذي ينسبه إلى الزيادة في عرض النقود. وقد وجد تحليل فيكسل الذي بُنيَ على الزيادة في الطلب الفعال تأكيداً له في النظرية العامة لكينز. ومع ذلك هناك فرق جوهري بين تحليل فيكسل والتحليل الكينزي. فقد ركزت المدرسة الكينزية أضواءها على الزيادة التي تحدث في الطلب على السلع الاستهلاكية وعوامل الإنتاج مفترضة في ذلك أن عدم التوازن الذي يطرأ على أسواق السلع الاستهلاكية يظهر أثره مباشرة على التوازن في أسواق عوامل الإنتاج وعلى الأخص سوق العمل. أما فيكسل فقد بنى تحليله في التضخم على أساس الزيادة التي تحدث في الطلب على السلع الاستهلاكية وتجاهل تأثير الزيادة التي تحدث في الطلب على عوامل الإنتاج.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية توسعت البحوث والدراسات حول تشخيص أسباب التضخم. وكان معظم الاتجاهات الجديدة خلال هذه الفترة خليطاً من أفكار النظرية الكمية والنظرية الكينزية. ومن هذه الدراسات تلك التي قام بها أنصار كينز ومحاولاتهم إدخال التحليل الحركي الديناميكي على النظرية الكينزية عن طريق استخدام المعادلات التفاضلية differencial equations لتحديد الأسباب والعوامل التي تحدد سرعة تطور أو ثبات الفجوة التضخمية. على أن أهم هذه التجديدات وأخصها هو التجديد الذي أدخلته «المدرسة السويدية الحديثة»، ويمثلها (ليندبرغ Lundberg، ليندال Lindhal)، التي تبلورت في أعقاب سنة 1930 أي في خضم موجات البطالة والكساد. وما يميز هذه المدرسة هي أنها تجعل للتوقعات expectations أهمية خاصة في التحليل النقدي للتضخم. وخلافاً للنظرية الكينزية ترى المدرسة السويدية أن العلاقة بين الطلب الكلي والعرض الكلي لا تتوقف فحسب على مستوى الدخل، كما ترى النظرية الكينزية، بل وعلى خطط الإنفاق القومي من جهة، وخطط الإنتاج القومي من جهة أخرى، أو بعبارة أخرى تتوقف على العلاقة بين خطط الاستثمار وخطط الادخار. وترى هذه النظرية أن ليس هناك من سبب يدعو للاعتقاد بأن الاستثمار المخطط يساوي الادخار المتحقق (إلا في حالة التوازن). لأن رغبات المستثمرين ودوافعهم تختلف عن دوافع المدخرين. ومن ثمّ يؤدي عدم التساوي بين الادخار المخطط (أو المتوقع) والاستثمار المخطط (أو المتوقع) إلى تقلبات في المستوى العام للأسعار. ففي حالة زيادة الاستثمار المخطط عن الادخار المخطط فإن ذلك يعني أن الطلب أكبر من العرض ويؤدي ذلك بالتالي إلى ارتفاع مستوى الأسعار، وعلى هذا فإن الاختلاف بين الادخار المخطط (أو الاستثمار المخطط) والاستثمار الفعلي (الاستثمار المتحقق) ينعكس في وجود فجوة (فائض طلب) في أسواق السلع الاستهلاكية، وفجوة أخرى (فائض طلب) في أسواق عوامل الإنتاج إلى جانب وجود دخول غير عادية يحققها المنتجون نتيجة ارتفاع الأسعار. والخلاصة فإن صلب تفكير المدرسة السويدية الحديثة في التضخم هو التفكير الذي يعطي أهمية محورية للتوقعات في تفسير الفجوة التضخمية. وعموماً فإن هذه المدرسة تدخل في تحليلها السوقين النقدي والمالي.
منذ عقود قليلة أخذت مجموعة واسعة من الاقتصاديين تتبنى النظرية الكمية للنقود باعتبارها دليلاً نظرياً لتفسير أسباب التضخم. وكان أشهر من تولى الدفاع عن هذه النظرية وإعادة صياغتها من جديد هم ميلتون فريدمان وأنصار مدرسة شيكاغو. على أن الإرهاصات الفكرية الأولى للأنصار الجدد لنظرية كمية النقود كانت قد بدأت منذ منتصف الخمسينات من هذا القرن واكتمل نضجها ووضحت قسماتها الرئيسية في الستينات. إلا أن أفكار هذه المجموعة من الاقتصاديين وعلى رأسهم ميلتون فريدمان قد راجت في السبعينات واكتسبت مزيداً من الأنصار الذين يعرفون باسم النقديين. والحقيقة أنه في ظل التطورات المستجدة يمكن فهم مبررات العودة إلى النظرية الكمية للنقود وسر الرواج الذي تتمتع به هذه النظرية في صورتها الكمية.
في ظل الانتكاسة التي منيت بها النظرية الكينزية وما انطوت عليه من سياسات كانت أفكار مدرسة شيكاغو تنتشر في هذا الجو الملائم وتعلن عدم وجود علاقة على المدى الطويل بين التضخم والبطالة. وإن التضخم ظاهرة نقدية بحتة وليس له صلة بظاهرة ارتفاع الأجور ونضال العمال. فالسبب الرئيس للتضخم إذاً هو نمو النقود بسرعة أكبر من نمو حجم الإنتاج.
وحسب النظرية المعاصرة وبالنسبة للعلاقة بين متوسط الرصيد النقدي بالنسبة لوحدة الإنتاج ومستوى الأسعار يجب عدم المغالاة في تبسيطها أو فهمها على نحو ميكانيكي. ذلك أن عاملين أساسيين يؤثران في هذه العلاقة وهما:
1ـ التغير في حجم الإنتاج.
2ـ كمية النقود التي يرغب الأفراد الاحتفاظ بها.
هناك تباين عميق في تحديد الأسباب التي تحكم هذه الظاهرة، أو العوامل المؤدية لها. ويمكن اعتبار النظرية الكمية في النقود أولى النظريات التي حاولت معرفة أسباب التضخم والآلية التي تحدد المستوى العام للأسعار والتقلبات التي تحدث على هذا المستوى.
مقابل ذلك هناك صورة أخرى لتفسير ظاهرة التضخم وتحديد أسبابها نجدها في «معادلة كامبردج» وفي إطار نظرية كمية النقود. اعتمد أصحاب هذه المعادلة في هذا التفسير على فكرة الطلب على النقود المتمثل بحجم الأرصدة النقدية التي يرغب الأفراد بالاحتفاظ بها لأغراض المبادلات. بمعنى آخر حجم النقود التي يحتفظ بها الأفراد في المدة بين حصولهم على النقود وبين تاريخ إنفاقها، ويتحقق التوازن النقدي حين تكون الكمية المطلوبة من النقود مساوية لكمية المعروض منها. بحيث يصير المستوى العام للأسعار في هذه الحالة مستقراً لا وجود فيها للتضخم.
في بداية نشاطه الفكري كان كينز يعد من أنصار المدرسة الكلاسيكية الحديثة. وكان متأثراً على وجه الخصوص بأفكار (فيكس وهايك وغيرهما)م من يرون في النقد وسيلة للتداول. من ثمّ فإن أسباب التضخم تعود بالدرجة الأولى إلى كمية النقود المعروضة لتحقيق المبادلات السلعية. وعلى أن كينز كان يرى في النقد مخزناً للقيمة بالإضافة إلى وظيفته كوسيلة للتبادل، بقي تحليله كتطورات محدودة للدلالة على المفهومات الخاصة بمعادلة كامبردج.أي معادلة الأرصدة النقدية التي رغب الأفراد الاحتفاظ بها للمبادلات بالإضافة إلى مفهوم سرعة دوران النقد.
في إطار هذه التطويرات تظهر البدايات الأولى لتحليل كينز عن دور الدخل والإنفاق في ضوء العلاقة بين النقود وسعر الفائدة والاستثمار والادخار والمستوى العام للأسعار. وبذلك خرج كينز في تحليله عن إطار النظرية الكمية للنقود ولم يعد يبحث عن تأثير النقود على الأسعار في إطار كمي كما ذهبت إلى ذلك النظرية الكمية للنقود. وإنما من خلال معرفة تأثير التغير في كمية النقود على سعر الفائدة وتأثير هذا السعر على الاستثمار. أو بمعنى آخر فقد استخدم كينز مجموعة من المعادلات التي تنحصر غايتها ودلالتها في تصوير العلاقة بين الدخل القومي والاستهلاك والاستثمار والأسعار والتكاليف والإنتاجية. ولتفسير ذلك فإن التوسع في كمية النقود يؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة وهذا يؤدي إلى اختلال بين الاستثمار والادخار إذ حجم الاستثمار أكبر من حجم الادخار. والنتيجة الطبيعية لذلك تحقيق المستثمرين أرباحاً غير عادية تدفع المستثمرين إلى المزيد من الاستثمار الذي يموَّل عن طريق الائتمان المصرفي. وفي حالة افتراض التشغيل الكامل فإن زيادة الطلب على عوامل الإنتاج لابد أن تؤدي إلى زيادة تكلفة الوحدة المنتجة وارتفاع سعرها. أو بمعنى آخر ارتفاع المستوى العام للأسعار. وفي الحقيقة فإن ما توصل إليه كينز في بداياته لم يكن سوى ترديدٍ لأفكار فيكسل الذي كان له فضل السبق في دراسة أثر الفائدة على العلاقة بين الاستثمار والادخار والمستوى العام للأسعار.
إلا أن كتاب كينز في التشغيل والفائدة والنقود لعام 1936 شكل ثورة ضد الفكر الكلاسيكي. وفيما يتعلق بالتضخم يستند تحليل كينز على التقلبات في الإنفاق القومي (المكوّن من الاستهلاك والاستثمار والإنفاق الحكومي) باعتباره المحدد الرئيس لمستوى الأسعار والتشغيل مستعيناً في ذلك بأدوات تحليلية جديدة كالمضاعف multipleir، والمعجل accelerator، وذلك بدلاً من التقلبات التي تحدث في كمية النقود. والأدوات التي استخدمها كينز تتبلور في النهاية في التفاعل بين قوى الطلب الكلي وحالة ما بعد الوصول إلى مستوى التشغيل الكامل.
في الحالة الأولى قبل الوصول إلى حالة التشغيل الكامل أو الاستغلال الكامل للطاقات الإنتاجية فإن زيادة الطلب الكلي وخاصة الطلب على عوامل الإنتاج، تؤدي عادة إلى زيادة عرض السلع والخدمات وزيادة حركة المبيعات وتحقيق أرباح غير عادية. الأمر الذي يدفع بالمستثمرين إلى زيادة تشغيل الطاقات الإنتاجية والأيدي العاملة مما يؤدي إلى ظهور بداية الاتجاهات التضخمية قبل الوصول إلى حالة التشغيل الكامل. ويطلق على هذه الاتجاهات التضخم الجزئي partiel نتيجة نقص بعض عوامل الإنتاج يترافق مع زيادة الطلب عليها أو بسبب الضغط النقابي لرفع الأجور بمعدلات لا تتناسب مع معدل زيادة الإنتاجية أو نتيجة للميول الاحتكارية لتحقيق أرباح غير عادية.
في الحالة الثانية أي حالة التشغيل الكامل فإن زيادة الطلب الفعّال لا تقابلها زيادة في العرض (مرونة العرض صفر). ويأتي التضخم في هذه الحالة نتيجة زيادة حجم الطلب الكلي عن حجم العرض الكلي زيادة محسوسة ومن ثمّ ظهور ارتفاعات مفاجئة في الأسعار. أي إن التضخم يظهر نتيجة وجود فائض في الطلب excess demand يفوق الطاقات الإنتاجية. أو بكلمة أخرى فإن التضخم يظهر نتيجة زيادة في الطلب على السلع الاستهلاكية وعوامل الإنتاج عن المعروض منها بحيث تتشكل الفجوة التضخمية inflation gap.
والواقع أنّ الطريقة الكينزية في تحليل أسباب التضخم ترجع إلى الاقتصادي فيكسل Wicksell الذي كان أول من نقد المفهوم الكلاسيكي للتضخم، الذي ينسبه إلى الزيادة في عرض النقود. وقد وجد تحليل فيكسل الذي بُنيَ على الزيادة في الطلب الفعال تأكيداً له في النظرية العامة لكينز. ومع ذلك هناك فرق جوهري بين تحليل فيكسل والتحليل الكينزي. فقد ركزت المدرسة الكينزية أضواءها على الزيادة التي تحدث في الطلب على السلع الاستهلاكية وعوامل الإنتاج مفترضة في ذلك أن عدم التوازن الذي يطرأ على أسواق السلع الاستهلاكية يظهر أثره مباشرة على التوازن في أسواق عوامل الإنتاج وعلى الأخص سوق العمل. أما فيكسل فقد بنى تحليله في التضخم على أساس الزيادة التي تحدث في الطلب على السلع الاستهلاكية وتجاهل تأثير الزيادة التي تحدث في الطلب على عوامل الإنتاج.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية توسعت البحوث والدراسات حول تشخيص أسباب التضخم. وكان معظم الاتجاهات الجديدة خلال هذه الفترة خليطاً من أفكار النظرية الكمية والنظرية الكينزية. ومن هذه الدراسات تلك التي قام بها أنصار كينز ومحاولاتهم إدخال التحليل الحركي الديناميكي على النظرية الكينزية عن طريق استخدام المعادلات التفاضلية differencial equations لتحديد الأسباب والعوامل التي تحدد سرعة تطور أو ثبات الفجوة التضخمية. على أن أهم هذه التجديدات وأخصها هو التجديد الذي أدخلته «المدرسة السويدية الحديثة»، ويمثلها (ليندبرغ Lundberg، ليندال Lindhal)، التي تبلورت في أعقاب سنة 1930 أي في خضم موجات البطالة والكساد. وما يميز هذه المدرسة هي أنها تجعل للتوقعات expectations أهمية خاصة في التحليل النقدي للتضخم. وخلافاً للنظرية الكينزية ترى المدرسة السويدية أن العلاقة بين الطلب الكلي والعرض الكلي لا تتوقف فحسب على مستوى الدخل، كما ترى النظرية الكينزية، بل وعلى خطط الإنفاق القومي من جهة، وخطط الإنتاج القومي من جهة أخرى، أو بعبارة أخرى تتوقف على العلاقة بين خطط الاستثمار وخطط الادخار. وترى هذه النظرية أن ليس هناك من سبب يدعو للاعتقاد بأن الاستثمار المخطط يساوي الادخار المتحقق (إلا في حالة التوازن). لأن رغبات المستثمرين ودوافعهم تختلف عن دوافع المدخرين. ومن ثمّ يؤدي عدم التساوي بين الادخار المخطط (أو المتوقع) والاستثمار المخطط (أو المتوقع) إلى تقلبات في المستوى العام للأسعار. ففي حالة زيادة الاستثمار المخطط عن الادخار المخطط فإن ذلك يعني أن الطلب أكبر من العرض ويؤدي ذلك بالتالي إلى ارتفاع مستوى الأسعار، وعلى هذا فإن الاختلاف بين الادخار المخطط (أو الاستثمار المخطط) والاستثمار الفعلي (الاستثمار المتحقق) ينعكس في وجود فجوة (فائض طلب) في أسواق السلع الاستهلاكية، وفجوة أخرى (فائض طلب) في أسواق عوامل الإنتاج إلى جانب وجود دخول غير عادية يحققها المنتجون نتيجة ارتفاع الأسعار. والخلاصة فإن صلب تفكير المدرسة السويدية الحديثة في التضخم هو التفكير الذي يعطي أهمية محورية للتوقعات في تفسير الفجوة التضخمية. وعموماً فإن هذه المدرسة تدخل في تحليلها السوقين النقدي والمالي.
منذ عقود قليلة أخذت مجموعة واسعة من الاقتصاديين تتبنى النظرية الكمية للنقود باعتبارها دليلاً نظرياً لتفسير أسباب التضخم. وكان أشهر من تولى الدفاع عن هذه النظرية وإعادة صياغتها من جديد هم ميلتون فريدمان وأنصار مدرسة شيكاغو. على أن الإرهاصات الفكرية الأولى للأنصار الجدد لنظرية كمية النقود كانت قد بدأت منذ منتصف الخمسينات من هذا القرن واكتمل نضجها ووضحت قسماتها الرئيسية في الستينات. إلا أن أفكار هذه المجموعة من الاقتصاديين وعلى رأسهم ميلتون فريدمان قد راجت في السبعينات واكتسبت مزيداً من الأنصار الذين يعرفون باسم النقديين. والحقيقة أنه في ظل التطورات المستجدة يمكن فهم مبررات العودة إلى النظرية الكمية للنقود وسر الرواج الذي تتمتع به هذه النظرية في صورتها الكمية.
في ظل الانتكاسة التي منيت بها النظرية الكينزية وما انطوت عليه من سياسات كانت أفكار مدرسة شيكاغو تنتشر في هذا الجو الملائم وتعلن عدم وجود علاقة على المدى الطويل بين التضخم والبطالة. وإن التضخم ظاهرة نقدية بحتة وليس له صلة بظاهرة ارتفاع الأجور ونضال العمال. فالسبب الرئيس للتضخم إذاً هو نمو النقود بسرعة أكبر من نمو حجم الإنتاج.
وحسب النظرية المعاصرة وبالنسبة للعلاقة بين متوسط الرصيد النقدي بالنسبة لوحدة الإنتاج ومستوى الأسعار يجب عدم المغالاة في تبسيطها أو فهمها على نحو ميكانيكي. ذلك أن عاملين أساسيين يؤثران في هذه العلاقة وهما:
1ـ التغير في حجم الإنتاج.
2ـ كمية النقود التي يرغب الأفراد الاحتفاظ بها.
مواضيع مماثلة
» التضخم ٢ أنواع التضخم ٣ أسباب التضخم ٤ كيفية الحد من التضخم
» التضخم و أنواع التضخم
» أسباب انهيار أسعار النفط
» التضخم و أنواع التضخم
» أسباب انهيار أسعار النفط
المكتبة الالكترونية السودانية - sudan :: المكتبة الالكترونيه - بحوث متنوعه - اقتصاد - ادارة - طب - هندسه - ومذيد :: المكتبة الالكترونيه السودانيه :: المكتبة الالكترونيه - بحوث متنوعة - وتعريفات في لاقتصاد والمحاسبة والادارة والاحصاء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء ديسمبر 22, 2021 11:08 pm من طرف بحث
» نصائح فعالة تعلّمنا كيف نقول لا
الثلاثاء ديسمبر 21, 2021 11:09 am من طرف بحث
» ماهي اسباب رتفاع اسعار ارضي وبيوت في السودان
الأربعاء مايو 26, 2021 12:19 pm من طرف زائر
» معرفة اسرار لوحة المفاتيح في الكي بورد الكمبيوتر واللاب توب
الجمعة مارس 19, 2021 9:12 am من طرف بحث
» كيف تؤثر العملات الرقمية مثل عملة البيتكوين على سعر الدولار ؟
الإثنين مارس 15, 2021 5:20 pm من طرف بحث
» أهداف الاستراتيجية هي
الإثنين مارس 08, 2021 9:56 pm من طرف بحث
» العلاقة بين المحاسبة والمراجعة
الخميس مارس 04, 2021 9:23 pm من طرف بحث
» تعريف المحاسبة ؟
الخميس مارس 04, 2021 10:45 am من طرف بحث
» المحاسبه
الخميس مارس 04, 2021 10:44 am من طرف بحث